Halte à la traque de (Stop the Manhunt of) Seif Al islam Kaddafi

mab

/ #72

2011-11-24 15:58

الصوت الآخر حول حرب ليبيا
يوم 14 جانفي، رحبنا كما رحبت الأغلبية من مواطنينا بفرح وفخر بإرساء أحد أهم المبادئ التي يرتكز عليها أي نظام ديمقراطي : حرية الصحافة. علما و أنّ حرية الصحافة ركيزة أساسية للديمقراطية وذلك يرجع لسببين رئيسيين : أولا، لكونها تمثل عنصرا من أهم عناصر حقوق الإنسان ألا وهو حرية الرأي والتعبير؛ وثانيا، لأنّ الصحافة الحرة والمستقلة تمثل قوة توازن و قوة السلطة. لكن منذ اندلاع الحرب في ليبيا ما فتئت حرية الصحافة و استقلاليتها تواجهان صعوبات جديدة.

قامت الحرب التي تقودها منظمة حلف شمال الأطلسي في ليبيا منذ نحو 7 أشهر وفق قرار الأمم المتحدة عدد 1973 المثير للجدل. العديد من الوثائق والشهادات تكشف عن ظروف وأسباب مخزية أدت إلى اتخاذ هذا القرار. كما أن العديد من الأصوات تدين الطريقة التي من خلالها تمّ اتخاذ هذا القرار و اغتصابه . منذ مدة طويلة ثبت التحوّل من قرار تم اتخاذه "لحماية المدنيين" إلى تدخل عسكري يهدف إلى قلب نظام الحكم داخل دولة ذات سيادة و وتعويضه بنظام أكثر ليونة و تلاؤما مع مصالح القوى الغربية، دون اكتراث بما سينجر عن هذه الحرب.

الحرب التي تشنها القوى الغربية الكبرى وحلفاؤها ضد ليبيا ليست عسكرية فقط، بل هي أيضا حرب إعلامية. وأقل ما يمكننا قوله هو أننا نشهد منذ اندلاع الأزمة الليبية مسرحية حبكتها وسائل الاعلام لا تعكس واقع الخلاف . بوبكر بوريس ديوب يذهب أبعد من ذلك ويشير إلى "تواطؤ شبه عسكري لوسائل الإعلام العالمية في هذا الخلاف".

ليس بالغريب على وسائل الإعلام في البلدان ذات الصلة بالخلاف (بما في ذلك قطر) أن تقترح شبكة إعلام ـ منحازة ومضللة ـ للأحداث قصد إضفاء الشرعية على التدخل العسكري (و "الأضرار الجانبية" التي يسببها) وان تلتجئ نفس وسائل الإعلام الى أساليب الرقابة والتضليل التي يتم تطبيقها في كل حرب جديدة و المبالغة في استعمالها. هذا ليس بجديد و الأمثلة على "أكاذيب وسائل الإعلام" لتبرير الحروب العدوانية عديدة : فيتنام والعراق وأفغانستان وغزة...

لكن، عندما تطبق وسائل الإعلام التونسية نفس أساليب التضليل لتقدم لنا نظرة مغالطة للمأساة الليبية، و عندما تسلم وسائل الإعلام التونسية ببلاغات الناتو بدون أي تحرٍّ و عندما يتبع الصحافيون التونسيون منهج إخفاء و تحريف الحقائق بهدف تضليل الرأي العام، لا يمكننا إلا أن نتساءل و أن نشكك في استقلالية المؤسسات الإعلامية لدينا.

في انسجام تام، ومنذ بداية الحرب، و على مدى أشهر و بصفة متواصلة أصدرت وسائل الإعلام التونسية تفسيرا لا لبس فيه للصراع. مفاده أنّ القذافي طاغية و سفاك دماء جعل شعبه في وضع رهينة مهددة بالإبادة. أنصاره، وعددهم قليل، هم من المتعصبين الخطرين. بالمقابل يواجههم "متمردو" بنغازي واللجنة الوطنية الانتقالية (التي تم رفع مقامها بين عشية و ضحاها الى رتبة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي) وحلف شمال الأطلسي – المكلف بمهمة قصف ذات صبغة "إنسانية" – و الذي ساهم تدخله في إنقاذ الآلاف من "المدنيين العزل". كذلك يمثّل هذا الجانب المقابل كتلة من "الطيبين" و "المدافعين عن الحريات" و "الثوريين النبلاء المتطوعين ".

وهذا الخطاب الإعلامي الصريح يمثل نموذجا يُهتدى به في مجال الدعاية الحربية. وتقول آنْ موريللي: "الدعاية توجه حقد و كراهية الرأي العام نحو أحد قياديي العدوّ الذي يعتبر مصدر كل الشر إذ هو مختل المدارك العقلية، ذو قدرة على الديماغوجيا، ساخر و محب للحرب"
لدعم هذه الخطابات الدعائية، استعملت وسائل الإعلام التونسية سلاحا لا يقهر : استخدام شرعية الثورة التونسية التي لا جدال فيها لتقديم الوضعية في ليبيا في شكل انتفاضة جماعية للشعب الليبي ضد طاغية لا يمكن للمرء إلا مؤازرتها. وبالتالي، يمكن بسهولة اعتبار أي شخص يجرؤ على معارضة الصيغة "الرسمية" للوضعية في ليبيا متواطئا مع الديكتاتور. و قال ميشيل كولون: "في كل حرب, في البداية، تستحيل المعارضة، و لكن بعد الحملة الإعلامية يصبح المرء و بصفة مباشرة مصنفا كشريك للوحش".

أصبح واضحا بعد سبعة أشهر من القصف الوحشي الذي يفترض أن "يحمي المدنيين" موت ما يناهز تسعين ألفا من الليبيين.
سرت ، المدينة الشهيدة التي ترفض ما يمليه عليها حلف شمال الاطلسي وأتباعه، تتعرض حاليا الى إبادة جماعية رهيبة.
نلاحظ صمت وسائل الإعلام الدولية، وكذلك وسائل إعلامنا رغم وجود أدلة في المتناول على المجازر التي ارتكبتها منظمة حلف شمال الأطلسي(الفيديو).

نحن، بصفتنا مواطنين تونسيين، نشعر بالحزن و الصدمة لطريقة تعامل وسائل الإعلام التونسية مع الوضع في ليبيا حيث تسخّر كل المجال الإعلامي لفائدة طرف واحد في النزاع ألا وهو الحلف الأطلسي و أتباعه. كما ندّد العديد منا بالتدخل الأجنبي في ليبيا، هذا التدخل الذي اتخذ بسرعة صبغة استعمار جديد لبلد شقيق.
إنّنا، للأسف، لا نجد وسائل إعلام تمكننا من إيصال أصواتنا. العديد من التونسيين و التونسيات لا تزال لديهم فرصة للتعبير عن سخطهم وغضبهم عبر قناة تلفزية أجنبية وحيدة.
تمثل الإنترنت بمدوناتها ومنتدياتها قناة هامة تمكن شعبنا – كما هو حال الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم الذين يكافحون ضدّ الامبريالية والاستعمار في صبغته الجديدة – من الإدلاء (واكتشاف) بالحقيقة الأخرى عن الحرب التي أقرها و نفذها حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه.
الحكومات العربية (ما عدا اثنين أو ثلاثة استثناءات) وجدت نفسها مجبرة على اتّباع ما يمليه عليها بعض من البلدان الأعضاء في حلف شمال الأطلسي وأصبحت تقريبا الناطق الرسمي باسمها.

الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي بسرعة و بدون أي تردد وكذلك تحويل الأسلحة "للثوار" عبر حدودنا يعتبر شهادة على مدى استعداد الحكومة التونسية لخدمة و مساعدة الناتو.
إزاء هذا التصرف يحق لنا التساؤل عما بقي من سيادة دولنا.

في تونس، لم تلق كل من الدعوات للاحتجاج على تدخل القوى الغربية في شؤون دولة ذات سيادة و المسيرات المتضامنة مع الشعب الليبي الذي يتعرض إلى القصف العشوائي من طرف الحلف الأطلسي في مناطق مختلفة من تونس أي دعم من قبل وسائل الإعلام لدينا. و لم يبق لنا من خيار غير اللجوء إلى الشبكات الاجتماعية إضافة إلى قناة سورية للتمكن من مواكبة الأحداث و التعبير عن موقفنا من الموضوع. عن أية حرية صحافة ورأي يمكننا أن نتحدث في تونس ما بعد 14 جانفي؟

تتبقى مسالة الدافع: ما سبب الانحياز السريع لوسائل إعلامنا مع الناتو؟ هل هو تواطؤ مقصود أم انه مجرد كسل فكري؟ هل هو الخوف من الوقوف ضد تيار الآراء التي تقع هي أيضا ضحية التضليل الضخم الذي تمارسه القنوات الفضائية؟

هل سنتمكن في يوم ما من الإجابة على هذه الأسئلة؟ وهل سيتحلى صحفيونا بالشجاعة اللازمة للقيام بخطوة تمتزج صعوبتها بأهمية نتائجها ألا وهي عملية النقد الذاتي؟ فلنأمل ذلك.
و في انتظار تحقيق ذلك، فإننا ننادي باسم الديمقراطية، باسم ثورتنا و الصداقة العريقة التي تربطنا بالشعب الليبي، باسم آلاف المدنيين الذين سقطوا تحت قنابل الناتو، كما ننادي باسم العمال الأفارقة الذين سجنوا و عذّبوا و أهينوا و اعدموا و ذبحوا من قبل مجموعات عنصرية متعصبة و دموية، أن تفسح وسائل الإعلام التونسية مجال التعبير لمختلف الآراء مثل:

أولئك الذين يدينون التدخل الأجنبي في ليبيا،
أولئك الذين يدينون حرب إبادة جماعية ،
أولئك الذين يدينون وسائل الإعلام الكاذبة،
أولئك الذين يرغبون في معرفة الحقيقة الخفية الكامنة وراء هذه الحرب ،
أولئك الذين لا يقبلون الإساءة والغطرسة التي يبديها "المتمردون" الزائفون في معاملاتهم مع التونسيين في تونس، "فهم الحرب في ليبيا (3 / 3)" أبريل 2011 ، بروكسل ، 9 ميشال كولون
أولئك الذين لا يقبلون كلاما منمقا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان الهدف منه ترويج حرب استعمارية
أولئك الذين يرفضون الإمبريالية.
الموقعون على هذا المقال:
مبروكة قاسمي ،
س. كوكي
قيس نصير،
تونس في 12 10 2011